الحضارة العربية التي سرقها الغرب
كدنا في أيامنا هذه أن ننسى ، أو نتجاهل دور العرب المسلمين في صناعة العلم والمعرفة ، وذلك عندما نتحدث عن أي موضوع علمي ؛
فإننا ننسب اكتشافه للغرب ، الغرب الذي سرق الكثير من المعرفة العربية ونسبها لنفسه ، منكراً شمس العرب التي سطعت عليه
و أنارت له درب الحقيقة والمعرفة ، ومهدت له القيام باكتشافات العصر ؛ فضاع فضل العرب والمسلمين له وللعالم أجمع .
إن العلماء لا يستطيعوا اكتشاف كل ما يتعلق بعلم معين دفعة واحدة ؛ إنما يكون ذلك بالتدريج ؛ فالعلم في نمو مستمر لا ينتهي ،
ولكل عالم يبحث فيه دوره ؛ الذي يرتكز عليه من يأتي بعده ؛ ليكمل بناء صرح العلم الإنساني ، والعرب كغيرهم من البشر لم يكونوا ليتوصلوا إلى ما وجدوه ،
و ما صنعوه لولا إطلاعهم على معرفة وإنجازات الأمم الخالية عن طريق ترجمتهم لآثارها ، وكذلك علماء الغرب ما كانوا ليضعوا النظريات لولا إطلاعهم
على معرفة الأمم ؛ وخاصة العرب و نتاجهم العلمي الغزير ، فنيوتن وغيره ما كانوا ليكونوا لو كانوا في عصر الخوارزمي و بن الهيثم .
إن القرآن الكريم كتاب هداية في الأصل ، ولكنه تضمن إشارات كلية عن الكون والإنسان والحياة ، وعندما استجاب علماءالمسلمين إلى هذا النداء الرباني ؛
صاروا أساتذة العلم في عصرهم ، وأقاموا حضارة راقية لم تعدلها واحدة في زمنها ،والرياضيات كأحد مرتكزات هذه الحضارة ، فقد برع فيها العرب ،
فكان منهم الخوارزمي و الكاشي و ثابت بن قره وابن حمزة وابن الهيثم و الحراني و بن الياسمين و غيرهم كثيرون ،
فقدموا للإنسانية روائع النظريات التي كانت الأساس المتين الذي يرتكز عليه ، فقد ارتقوا بالجبر إلى درجة العلم ، وصاغوا فيه النظريات المبرهنة ،
ومنهم من كتب فيه شعراً ، و العرب هم الذين خلصوا إلى الأرقام المستخدمة في شرقي العالم وغربه ، ولم يتركوا الهندسة ؛
و إنما عالجوا العديد من المواضيع فيها ، وخاصة الهندسة العملية ، فهم لم يكونوا مجرد ناقلين كما يدعي البعض خطئاً ،
فهم كانوا أصاحب فكر ، حيث زادوا ونقحوا واخترعوا ، فهم لم يكونوا بعالة في وجودهم على وجه البسيطة ،
بل أنهم استحقوا الحياة لجدهم واجتهادهم ، ومن منطلق دينهم ودنياهم. لقد استفاد من العرب الغرب خاصة ،
وأقام على أطلال حضارتهم المزدهرة بالعلم والمعرفة صرحه الحضاري ، وبنى عليها نظرياته وطور فكره العلمي ،
فصار منارة للعلم بعدما كان في ظلام دامس من الجهل والتخلف ، فكان النقيض فالعرب الذين كانوا ما بقوا منارة له ،
ولذلك يجب علينا الفخر بماضينا المتمثل بأجدادنا العرب و منجزاتهم ، فالذي لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل ،
ولكن أيضاً علينا ألا ننسى أنفسنا ، ونظل نحلم بماضينا المجيد ، بل يجب أن نسعى لتعويض ما فاتنا ،
والتطلع إلى ما هو أحسن ، فلا نفقد ثقتنا بأنفسنا ، و لا نشك بقدرتنا على الاختراع و لإبداع
المرجع: بحث "العرب والرياضيات" لـــ عبدالله سيد أحمد